اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 486
بسهولة فتعجب يوشع من حياتها ووثبتها في الماء وسلوكها فيه كسائر الحيتان فارتحلا متجاوزين من البحر تلك الليلة والغد الى الظهر فنسي يوشع ذكر ما رأى لموسى
فَلَمَّا جاوَزا من الصخرة يوما وليلة عييا وجاعا قالَ موسى لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا اى الذي سرنا بعد ما جاوزنا من الصخرة نَصَباً عناء وتعبا ما كنا قبل ذلك كذلك
قالَ يوشع متذكرا متعجبا أَرَأَيْتَ يا سيدي وقت إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ ورقدت عندها للاستراحة وانا أهم لا توضأ وأتمكن عليها للتوضؤ فانتضح الماء الى المكتل فوثب الحوت نحو البحر فاتخذ سبيله سربا فَإِنِّي بعد تيقظك من منامك نَسِيتُ الْحُوتَ وقصته مع كمال غرابتها وندرتها وكونها خارقة للعادة وَبالجملة ما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ اى اذكر قصته البديعة عندك وَكيف اتَّخَذَ سَبِيلَهُ حين رمى نفسه فِي الْبَحْرِ عَجَباً على وجه يتعجب من جريه الرائي ولما سمع موسى من يوشع ما سمع من فقد الحوت على هذا الوجه سر وفرح
قالَ على سبيل الفرح والسرور ذلِكَ الأمر الذي قد وقع ما كُنَّا نَبْغِ ونطلب من سفرنا هذا إذ هو علامة وجدان المطلوب وامارة حصول الارب فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما على الفور فأخذا يقصان قَصَصاً لازالة شدة السفر فمضيا الى ان وصلا الصخرة المعهودة
فَوَجَدا عندها عَبْداً كاملا في العبودية والعرفان إذ هو مِنْ خلص عِبادِنا وخيارهم لأنا من وفور جودنا وانعامنا عليه قد آتَيْناهُ وأعطيناه رَحْمَةً كشفا وشهودا تاما موهوبا له مِنْ عِنْدِنا تفضلا وإحسانا بلا عمل له في مقابلتها يقتضى ذلك وَمع ذلك قد عَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا بلا وسائل الكسب والتعلم والطلب والاستفادة بل بمجرد توفيقنا وفضلنا إياه امتنانا له وإحسانا عِلْماً متعلقا بالغيوب حيث اخبر ويخبر بما وقع وسيقع
فلما وصلا اليه وتشرفا بشرف حضوره وصحبته قالَ لَهُ مُوسى على وجه الاستجازة والاسترشاد وحسن الأدب هَلْ أَتَّبِعُكَ ايها المؤيد الكامل المتحقق بمراتب اليقين بتمامها الواصل الى بحر الوحدة الخائض في لججها عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ وتفيد لي مِمَّا عُلِّمْتَ وألهمت من سرائر المغيبات سوابقها ولواحقها رُشْداً ترشدني نحوها مقدار استعدادي وقدر قابليتي وطاقتي قال يا موسى كفى بالتورية علما وببني إسرائيل شغلا قال موسى في جوابه ان الله قد أمرني بالاستفادة والاسترشاد منك فلا تمنعني وبعد ما قد ألح موسى واقترح
قالَ إِنَّكَ يا موسى مع كمال حذاقتك في ظواهر العلوم المتعلقة بوضع القواعد الدينية ونصب المعالم الشرعية وانتصاف الظالم من المظلوم وانتقامه لأجله الى غير ذلك من الأمور المتعلقة بسياسة البلد وتدبير المدن والمنزل لَنْ تَسْتَطِيعَ ولن تقدر مَعِيَ صَبْراً بل لا بد لك متى اطلعت على امر وشيء يخالف الشرعية والوضع المخصوص الذي أنت جئت به من عند ربك ونزلت التورية على مقتضاه لزم عليك ان تمنعه وتعترض عليه بمقتضى نبوتك ورسالتك على سبيل الوجوب والذي انا عليه من العلوم المتعلقة بالسرائر والغيوب قد يخالف أصلك وقواعدك فلن تستطيع حينئذ معى صبرا
ثم اعتذر وبسط العذر معللا حيث قال وَكَيْفَ تَصْبِرُ أنت يا موسى عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً اطلاعا على سره ومآله ومع ذلك لم ينزل عليك وحى من عند ربك متعلق بأمثاله
قالَ موسى ملحا عليه مقترحا مبالغا سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ وتعلقت ارادته بصبري صابِراً على عموم ما قد جئت به من المغيبات الخارقة للعادات التي لم افز بسرائرها وهي مخالفة لظواهر الشرائع والاحكام وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً اى في امر من الأمور
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 486